Sunday, May 30, 2010

العلمانية بين الغرب المسيحي و الشرق المسلم

العلمانية – كما ذكر في المقال السابق – كلمة حديثة الاستعمال في
لغتنا العربية، شانها شأن كثير من الكلمات التي أصبحت مصطلحات
أو لها قوة المصطلحات في عصرنا. و هناك من ينطقها بكسر العين
نسبة إلى العلم كما تم التوضيح في المقال السابق. و الكلمة سواء كسرت
عينها أو فتحت، مترجمة من اللغات الأوروبية و كان يمكن أن تترجم
بلفظة "
لا دينية" لأن معنى الكلمة الأجنبية ما ليس بديني, و لكن اختيرت
كلمة "علماني" أو "مدني" لأنها
أقل إثارة من كلمة "لا ديني".


و كما أن اللفظ دخيل على معاجمنا، فإن معناها و مدلولها هو ما يعاكس
الدين كيفما شئت أن تنطقها بكسر العين "ال
عِلمانية" أو بفتحها " العَلمانية"،
و مدلول الكلمة المتفق عليه هو عزل الدين عن الدولة و المجتمع, و إبقاءه حبيسا
في ضمير الفرد، لا يتجاوز العلاقة الخاصة بينه و بين ربه، فإن سمح له بالتعبير
(لأي الدين) ففي الشعائر التعبدية و المراسم المتعلقة بالزواج و الوفاة و نحوها.


و هذا المعنى غير معروف في تراثنا الإسلامي، فتقسيم شئون الحياة إلى ما هو
ديني و ما هو غير ديني تقسيم غير إسلامي، بل تقسيم مستورد، مأخوذ من الغرب
النصراني. و ما نراه اليوم في مجتمعاتنا العربية و الإسلامية من تقسيمات للحياة
و الناس و المؤسسات إلى "ديني" و "غير ديني" ليس من الإسلام في شئ.

لم يكن في الإسلام – كما في عصرنا الراهن – تعليم ديني و تعليم غير ديني
و لم يكن في الإسلام أناس يعرفون برجال دين و اخرون يسمون رجال دولة
و سياسة، و لم يعرف الإسلام سلطتين: إحداهما دينية و أخرى زمنية دنيوية،
و لم يعرف التراث الإسلامي دين لا سياسة فيه، و لا سياسة لا دين لها (مثل
ذاك الذي يطالعنا من دهاليز الحكومة الأمريكية و يقول السياسة لا أخلاق لها).

لقد كان الدين ممتزجا بالحياة كلها، امتزاج الروح بالجسد، فلا يوجد شئ منفصل
اسمه و روح و اخر منفصل اسمه جسم، و كذلك كان الدين و العلم أو
الدين و الدنيا، أو الدين و الدولة في الإسلام. إن العلمانية لا تتماشى مع أبجديات
و مسلماتنا التراث و الفكر الإسلامي.....و في المقال القادم سأوضح :

مبررات ظهور العلمانية في الغرب المسيحي و لماذا لا تتعارض مع جوهر
المسيحية كدين بينما تتعارض معنا كمسلمين.
من قراءتي في كتاب "الإسلام و العلمانية ... وجها لوجه" للدكتور يوسف القرضاوي بتصرف

أبو أنس

Saturday, May 29, 2010

مفهوم العلمانية



العلمانية (بكسر العين أو بفتحها) ترجمة غير دقيقة , بل غير صحيحة لكلمة (Secularism)
في الانجليزية أو (Secularite) في الفرنسية و هي كلمة لا صلة لها بلفظ (العلم) و
مشتقاتها على الإطلاق. فالعلم في الانجليزية و الفرنسية، يعبر عنه بكلمة (Science) و
المذهب العلمي نطلق عليه كلمة (Scientism) و النسبة إلى العلم هي (Scientific).

الترجمة الصحيحة للكلمة هي
(الادينية) أو (الدنيوية), لا بمعنى ما يقابل الأخروية فحسب،
بل بمعنى أخص و هو : ما لا صلة له بالدين أو ما كانت علاقته بالدين علاقة تضاد. و إنما
ترجمت الكلمة الأجنبية بهذا اللفظ (العلمانية) لأن الذين تولوا الترجمة لم يفهموا من كلمتي
(الدين) و (العلم) إلا ما يفهمه الغربي المسيحي منها.
و الدين و العلم في مفهوم الإنسان
الغربي متضادان متعارضان, فما يكون دينيا (عندهم) لا يكون علميا، و ما يكون علميا لا
يكون دينيا، فالعلم و العقل يقعان مقابل الدين، و العلمانية و العقلانية في الصف المضاد
للدين.

و تتضح الترجمة الصحيحة من التعريف الذي تورده المعاجم مثل دائرة المعارف البريطانية
التي تقول:

كلمة ال (Secularism) : " و هي حركة اجتماعية تهدف إلى صرف الناس و توجيههم من
الاهتمام بالآخرة إلى الاهتمام بهذه الدنيا وحدها، وذلك أنه كان لدى الناس في العصور
الوسطى (في الغرب طبعا) رغبة شديدة في العزوف عن الدنيا و التأمل في الله و اليوم
الاخر. و في مقاومة هذه الرغبة طفقت ال (Secularism) تعرض نفسها من خلال تنمية
النزعة الإنسانية ، حيث بدأ الناس في عصر النهضة يظهرون تعلقهم الشديد بإنجازات الثقافة
البشرية، و بإمكانية تحقيق مطامحهم في هذه الدنيا القريبة."


و ظل الاتجاه إلى (Secularism) يتطور باستمرار خلال التاريخ الحديث كله، باعتبارها
حركة مضاده للدين و مضادة للمسيحية. و يقول وبستر في قاموسه (العالم الجديد) شرحا لهذا
المصطلح:

1- الروح الدنيوية و هو نظام من المبادئ و التطبيقات
يرفض أي شكل من أشكال الإيمان و
العبادة.
2- الإعتقاد أن الدين و الشؤون الكنسية لا دخل لها في شئون الدولة و خاصة التربية العامة.

و في معجم أكسفورد تشرح كلمة (Secular) كالتالي:

1- دنيوي ، مادي، لا ديني، الحكومة الناقضة للكنيسة.
2- الرأي الذي يقول: إنه
لا ينبغي أن يكون الدين اساسا للأخلاق و التربية.

المقال القادم إن شاء الله بعنوان :
العلمانية بين الغرب المسيحي و الشرق المسلم

من قراءتي في كتاب "الإسلام و العلمانية ... وجها لوجه" للدكتور يوسف القرضاوي بتصرف
أبو انس